فصل: فصل في الإِبل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 باب صدقة السوائم

 فصل في الإِبل

- الحديث الرابع‏:‏ قال المصنف رحمه اللّه‏:‏

- بهذا اشتهرت كتب الصدقات من رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ‏.‏

قلت‏:‏ منها كتاب أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه لأنس بن مالك، رواه البخاري في ‏"‏صحيحه ‏[‏هذا الحديث رواه البخاري عن محمد بن عبد اللّه بن المثنى بن عبد اللّه بن أنس بن مالك الأنصاري الحنفي قاضي البصرة عن أبيه عن ثمامة عن أنس بن مالك، وكرره في ‏"‏صحيحه‏"‏ في أحد عشر موضعًا‏:‏ في ‏"‏الزكاة‏"‏ في ستة مواضع، وفي ‏"‏الشركة‏"‏ وفي ‏"‏الخمس‏"‏ وفي ‏"‏اللباس‏"‏ مرتين، وفي ‏"‏الحيل‏"‏ ولم أر أنه كرر سندًا واحدًا في ‏"‏صحيحه هذا التكرار إلا ما في حديث كعب بن مالك في تخلفه عن تبوك، فإنه كرر عشر مرات، وهذا السياق الأول في ‏"‏باب زكاة الغنم‏"‏ ص 195، والثاني، ولم أرده من اختصار المخرج رحمه اللّه، بل هو من الناسخ فأبرزته في الحاشية‏]‏‏"‏، وفرقه في ثلاثة أبواب متوالية عن ثمامة أن أنسًا حدثه أن أبا بكر رضي اللّه عنه كتب له هذا الكتاب، لما وجهه إلى البحرين‏:‏ ‏"‏بسم اللّه الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ على المسلمين، والتي أمر اللّه بها رسوله، فمن سئلها من المسلمين، فليعطها على وجهها، ومن سئل فوقه، فلا يعطى‏:‏ في أربع وعشرين من الإِبل، فما دونها من الغنم، من كل خمس ذودٍ شاة، فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين، ففيها بنت مخاض أنثى‏.‏ فإذا بلغت ستة وثلاثين إلى خمس وأربعين، ففيها بنت لبون أنثى‏.‏ فإذا بلغت ستًا وأربعين إلى ستين، ففيها حقة، طروقة الجمل‏.‏ فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين، ففيها جذعة، فإذا بلغت - يعني - ستة وسبعين إلى تسعينن ففيها بنتا لبون‏.‏ فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة، ففيها حقتان، طروقتا الجمل‏.‏ فإذا زادت على عشرين ومائة، ففي كل أربعين ابنة لبون، وفي كل خمسين حقة، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإِبل، فليس فيها صدقة، إلا أن يشاء ربها‏.‏ فإذا بلغت خمسًا من الإِبل، ففيها شاة‏.‏ وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة، شاة‏.‏ فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين، شاتان‏.‏ فإذا زادت على مائتين إلى ثلثمائة، ففيها ثلاث شياه‏.‏ فإذا زادت على ثلثمائة، ففي كل مائة، شاة‏.‏ فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين شاة واحدة، فليس فيها صدقة، إلا أن يشاء ربها‏.‏ وفي الرقة ربع العشر‏.‏ فإذا لم يكن إلا تسعين ومائة، فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها‏"‏، انتهى‏.‏

وفي الباب الثاني ‏[‏باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض، وليست عنده‏"‏ ص 195‏.‏

‏]‏‏:‏ عن ثمامة أن أنسًا حدثه أن أبا بكر رضي اللّه عنه كتب له فريضة الصدقة التي أمر اللّه ورسوله‏:‏ من بلغت عنده من الإِبل صدقة الجذعة، وليست عنده جذعة، وعنده حقة، فإنها تقبل منه الحقة، ويجعل معها شاتين، إن تيسرتا له، أو عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده الحقة، وليست عنده الحقة، وعنده الجذعة، فإنها تقبل منه الجذعة، ويعطيه المصَّدِّق عشرين درهمًا أو شاتين‏.‏ ومن بلغت عنده صدقة الحقة، وليست عنده إلا بنت لبون، فإنها تقبل منه بنت لبون، ويعطي شاتين، أو عشرين درهمًا‏.‏ ومن بلغت صدقته بنت لبون، وعنده حقة، فإنها تقبل منه الحقة، ويعطيه المصَّدِّق عشرين درهمًا، أو شاتين‏.‏ ومن بلغت صدقته بنت لبون، وليست عنده، وعنده بنت مخاض، فإنها تقبل منه بنت مخاض، ويعطي معها عشرين درهمًا، أو شاتين، انتهى‏.‏

وفي الباب الثالث ‏[‏البخاري في ‏"‏باب لا تؤخذ في الصدقة هرمة‏"‏ ص 196‏.‏

‏]‏‏:‏ عن ثمامة أن أنسًا حدثه أن أبا بكر رضي اللّه عنه كتب له التي أمر اللّه ورسوله، فلا يخرج في الصدقة هَرِمَة، ولا ذات عوار، ولا تيس، إلا أن يشاء المصَّدِّق، انتهى‏.‏ ورواه أبو داود في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏أبو داود في ‏"‏باب زكاة السائمة‏"‏ ص 225، والحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ص 390 - ج 19‏.‏‏]‏ حديثًا واحدًا، وزاد فيه، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، ولكن أسنده عن حماد بن سلمة، قال‏:‏ أخذت من ثمامة ‏[‏قال‏:‏ أخذت، الخ، هذا لفظ حديث حماد بن سلمة، عند أبي، والحاكم روى عنه موسى بن إسماعيل، وروى الطحاوي في ‏"‏شرح الآثار‏"‏ ص 416 - ج 2 عن أبي بكرة، قال‏:‏ حدثنا أبو عمر الضرير، قال‏:‏ حدثنا حماد ابن سلمة، قال‏:‏ أرسلني ثابت البناني إلى ثمامة بن عبد اللّه ليبعث إليه كتاب أبي بكر الذي كتبه لأنس حين بعثه مصدِّقًا قال حماد‏:‏ فدفعه اليِّ، فإذا عليه خاتم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وإذا فيه فرائض الصدقات، اهـ‏.‏ أبو عمر الضرير ثقة، تابع موسى بن إسماعيل، وهو ثقة ثبت‏]‏ بن عبد اللّه ابن أنس كتابًا، زعم أن أبا بكر رضي اللّه عنه كتبه لأنس، فذكره‏.‏ وهذا اللفظ ظاهره الانقطاع، قال البيهقي في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ هو حديث صحيح موصول، إلا أن بعض الرواة قصر به، فرواه كذلك - يعني سند أبي داود - ثم إن بعض من يدعي ‏[‏المراد به الإمام الطحاوي، وقوله‏:‏ هذا في ‏"‏شرح الآثار‏"‏ ص 418 - ج 2، ولعل ابن معين تكلم على الحديث أيضًا، قال ابن حزم في ‏"‏المحلى‏"‏ ص 21 - ج 6‏:‏ والعجب ممن يعترض في هذا الخبر بتضعيف يحبى بن معين له الحديث حماد بن سلمة هذا، اهـ‏.‏ ثم تصدى لجوابه، وقال‏:‏ إنما يؤخذ من كلام ابن معين وغيره، إذا ضعفوا غير مشهور بالعدالة، وأما دعوى ضعف حديث رواته ثقات، أو ادعوا فيه أنه خطأ، من غير أن يذكروا ندليسًا، فكلام مطروح مردود، اهـ، وقال ابن التركماني في ‏"‏الجوهر‏"‏ ص 89 - ج 4‏:‏ ذكر الدارقطني في ‏"‏كتاب التتبع على الصحيحين‏"‏ أن ثمامة لم يسمع من أنس، ولا سمعه عبد اللّه بن المثنى من ثمامة، وفي ‏"‏الأطراف‏"‏ - للمقدسي، قيل لابن معين‏:‏ حديث ثمامة عن أنس في ‏"‏الصدقات‏"‏ قال‏:‏ لا يصح، وليس بشيء، ولا يصح في هذا حديث في الصدقات‏.‏ قلت‏:‏ ثم عبد اللّه بن المثنى متكلم فيه، قال الساجي‏:‏ ضعيف، منكر الحديث، قال أبو داود‏:‏ لا أخرج حديثه، وفي ‏"‏الضعفاء‏"‏ - لابن الجوزي، قال‏:‏ أبو سلمة كان ضعيفًا في الحديث، اهـ‏.‏ قلت‏:‏ ما ذكره عن الدارقطني ذكره الحافظ في ‏"‏مقدمة الفتح‏"‏ ص 355، وفي ‏"‏التلخيص‏"‏ ص 173، وزاد‏:‏ ثم روى عن علي بن المديني عن عبد الصمد حدثني عبد اللّه بن المثنى، قال‏:‏ دفع إلى ثمامة هذا الكتاب، قال‏:‏ وحدثنا عفان حدثنا حماد قال‏:‏ أخذت من ثمامة كتابًا عن أنس، وقال‏:‏ حماد بن زيد عن أيوب‏:‏ أعطاني ثمامة كتابًا، انتهى‏]‏ معرفة الآثار تعلق عليه، وقال‏:‏ هذا منقطع، وأنتم لا تثبتون المنقطع‏.‏ وإنما وصله عبد اللّه بن المثنى عن ثمامة عن أنس، وأنتم لا تجعلون ابن المثنى حجة، ولم يعلم أن يونس ‏[‏حديث يونس بن محمد المؤدب أخرجه البيهقي في ‏"‏سننه الكبرى‏"‏ ص 186 - ج 4، وابن حزم في ‏"‏المحلى‏"‏ ص 19 - ج 6، وحديث سريج أخرجه ابن حزم في ‏"‏المحلى‏"‏ ص 19 - ج 6، والنسائي في ‏"‏باب زكاة الغنم‏"‏ ص 340 - ج 1، لكن فيه سريح ‏"‏بالمهملة‏"‏ وظني أنه هو الصحيح، وحديث إسحاق عن نضر بن شميل أخرجه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏ ص 209، والحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ص 392، وكذلك رواه أبو كامل المظفر بن مدرك، روى عنه النسائي في ‏"‏سننه‏"‏ ص 336، ومن طريقه ابن حزم في ‏"‏المحلى‏"‏ ص 20 - ج 6، ورواه أحمد‏:‏ ص 11 - ج 1 أيضًا‏]‏ بن محمد المؤدب قد رواه عن حماد بن سلمة عن ثمامة عن أنس، أن أبا بكر رضي اللّه عنه كتب له، وقد أخرجناه في ‏"‏كتاب السنن‏"‏‏.‏ وكذلك رواه سريح بن النعمان عن حماد بن سلمة به‏.‏ ورواه إسحاق بن راهويه - وهو إمام - عن النضر بن شميل - وهو أتقن أصحاب حماد - حدثنا حماد بن سلمة به ‏[‏يقول البيهقي هذا، وقد قال نفسه في ‏"‏السنن‏"‏ ص 403 - ج 2‏:‏ حماد بن سلمة عن أبي نعامة عن أبي نضرة كل واحد منهم مختلف في عدالته، ولذلك لم يحتج البخاري في ‏"‏الصحيح‏"‏ لواحد‏.‏‏]‏، ثم أخرجه كذلك، قال‏:‏ ولا نعلم من الحفاظ أحدًا استقصى في انتقاد الرواة ما استقصاه محمد بن إسماعيل البخاري رضي اللّه عنهما، مع إمامته في معرفة علل الأحاديث وأسانيدها، وهو قد اعتمد فيه على حديث ابن المثنى ‏[‏ابن المثنى صدوق، كثير الغلط، قاله في ‏"‏التقريب‏"‏‏.‏

‏]‏، فأخرجه في ‏"‏صحيحه‏"‏، وذلك لكثرة الشواهد له بالصحة، انتهى كلامه‏.‏

- ومنها كتاب عمر رضي اللّه عنه‏:‏ أخرجه أبو داود ‏[‏أبو داود في ‏"‏باب زكاة السائمة‏"‏ ص 226، والترمذي في ‏"‏باب زكاة الابل والغنم‏"‏ ص 79، ورواه ابن ماجه في ‏"‏باب صدقة الإبل‏"‏ ص 130، لكن من طريق سليمان بن كثير، ولم أجده من طريق سفيان، واللّه أعلم، والبيهقي‏:‏ ص 88 - ج 4، وابن أبي شيبة‏:‏ ص 9 - ج 3‏.‏‏]‏، والترمذي، وابن ماجه - واللفظ للترمذي - عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه، أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كتب كتاب الصدقة، فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض فقرنه بسيفه، فلما قبض عمل به أبو بكر حتى قبض، وعمر حتى قبض، وكان فيه‏:‏ في خمس من الإِبل شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين، أربع شياه، وفي خمس وعشرين ينت مخاض إلى خمس وثلاثين‏.‏ فإذا زادت ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين‏.‏ فإذا زادت ففيها حقة إلى ستين‏.‏ فإذا زادت فجذعة إلى خمس وسبعين‏.‏ فإذا زادت ففيها بنت لبون إلى تسعين‏.‏ فإذا زادت ففيها حقتان إلى عشرين ومائة‏.‏ فإذا زادت على عشرين ومائة، ففي كل خمسين حقةـ وفي كل أربعين بنت لبون‏.‏ وفي الشاة في كل أربعين شاة شاة إلى عشرين ومائة‏.‏ فإذا زادت فشاتان إلى مائتين‏.‏ فإذا زادت فثلاث شياه إلى ثلثمائة شاة‏.‏ فإذا زادت على ثلثمائة شاة، ففي كل مائة شاةٍ شاة‏.‏ ثم ليس فيها شيء حتى يبلغ مائة، ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع مخافة الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية، ولا يؤخذ في الصدقة هَرِمة، ولا ذات عيب‏.‏ وقال الزهري‏:‏ إذا جاء المصدِّق قسم الشاة أثلاثًا‏:‏ ثلث خيار‏.‏ وثلث أوساط‏.‏ وثلث شرار، وأخذ المصدَّق من الوسط، ولم يذكر الزهري البقر، انتهى‏.‏ وقال‏:‏ حديث حسن‏.‏ وقد روى يونس بن يزيد، وغير واحد عن الزهري عن سالم هذا الحديث، ولم يرفعوه، وإنما رفعه سفيان بن حسين ‏[‏وهو ضعيف في الزهري ‏"‏دراية‏"‏‏.‏‏]‏، انتهى‏.‏ قال المنذري‏:‏ وسفيان بن حسين أخرج له مسلم، واستشهد به البخاري، إلا أن حديثه عن الزهري فيه مقال، وقد تابع سفيان بن حسين على رفعه سليمان بن كثير ‏[‏عند ابن ماجه، وهو لين في الزهري أيضًا، كذا في ‏"‏التلخيص‏"‏ ص 173، وعند البيهقي‏:‏ ص 88 - ج 4‏.‏‏]‏، وهو ممن اتفق البخاري، ومسلم على الاحتجاج بحديثه، وقال الترمذي في ‏"‏كتاب العلل‏"‏‏:‏ سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال‏:‏ أرجو أن يكون محفوظًا، وسفيان بن حسين صدوق، انتهى‏.‏ ورواه أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ ‏[‏أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ ص 14 - ج 2، ص 15 - ج 2، والحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ص 392 - ج 1‏.‏‏]‏، والحاكم في ‏"‏مستدركه‏"‏، وقال‏:‏ سفيان بن حسين وثقه يحيى بن معين، وهو أحد أئمة الحديث، إلا أن الشيخين لم يخرجا له، وله شاهد صحيح، وإن كان فيه إرسال، ثم أخرج حديث عبد اللّه بن المبارك، وسيأتي‏.‏ وزاد فيه ابن ماجه بعد قوله‏:‏ وفي خمس وعشرين بنت مخاض، فإن لم يكن بنت مخاض، فابن لبون ذكرٍ، واختصر منه الغنم، إلى آخر الحديث‏.‏ وزاد فيه أبو داود زيادة من طريق ابن المبارك عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب، قال‏:‏ هذه نسخة كتاب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الذي كتبه في الصدقة، وهي عند آل عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، قال ابن شهاب‏:‏ أقرأنيها سالم بن عبد اللّه بن عمر، فوعيتها على وجهها، وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد اللّه بن عبد اللّه بن عمر، وسالم بن عبد اللّه بن عمر، فذكر الحديث، قال‏:‏ فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة، ففيها ثلاث بنات لبون، حتى تبلغ تسعًا وعشرين ومائة‏.‏ فإذا كانت ثلاثين ومائة، ففيها بنتا لبون وحقة، حتى تبلغ تسعًا وثلاثين ومائة‏:‏ فإذا كانت أربعين ومائة، ففيها حقتان وبنت لبون، حتى تبلغ تسعًا وأربعين ومائة‏.‏ فإذا كانت خمسين ومائة، ففيها ثلاث حقاق حتى تبلغ تسعًا وخمسين ومائة‏.‏ فإذا كانت ستين ومائة، ففيها أربع بنات لبون، حتى تبلغ تسعًا وستين ومائة‏.‏ فإذا كانت سبعين ومائة، ففيها ثلاث بنات لبون وحقة، حتى تبلغ تسعًا وسبعين ومائة‏.‏ فإذا كانت ثمانين ومائة، ففيها حقتان وابنتا لبون، حتى تبلغ تسعًا وثمانين ومائة‏.‏ فإذا كانت تسعين ومائة، ففيها ثلاث حقاق وبنت لبون، حتى تبلغ تسعًا وتسعين ومائة‏.‏ فإذا بلغت مائتين، ففيها أربع حقاق، أو خمس بنات لبون، أيّ السنين وجدت أخذت‏.‏ وفي سائمة الغنم، فذكر حديث سفيان بن حسين، وهذا مرسل، كما أشار إليه الترمذي‏.‏ قال مالك رضي اللّه عنه في ‏"‏الموطأ‏"‏‏:‏ ومعنى لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع‏:‏ أن الخليطين إذا كان لكل واحد منهما مائة شاة وشاة، فيكون عليهما فيها ثلاث شياه‏.‏ فإذا أظلهما فرقا غنمهما فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة‏.‏ قال‏:‏ فهذا الذي سمعت في ذلك، انتهى كلامه‏.‏ وسفيان بن حسين روى له مسلم في ‏"‏مقدمة كتابه‏"‏، وتكلم الحفاظ في روايته عن الزهرين قال أحمد بن حنبل رضي اللّه عنه‏:‏ ليس بذاك في حديثه عن الزهري‏.‏ وقال ابن معين رحمه اللّه‏:‏ هو ثقة، ولكنه ضعيف في الزهري‏.‏ وقال النسائي‏:‏ ليس به بأس، إلا في الزهري‏.‏ وقال ابن عدي‏:‏ هو في غير الزهري صالح الحديث‏.‏ وفي الزهري يروى أشياء خالف فيها الناس، قال‏:‏ وقد وافق سفيان بن حسين على رفعه سليمان بن كثير أخو محمد بن كثير‏:‏ حدثناه ابن صاعد عن يعقوب الدورقي عن عبد الرحمن بن مهدي عن سليمان بن كثير بذلك، وقد رواه جماعة عن الزهري عن سالم عن أبيه فوقفوه، وسفيان بن حسين، وسليمان بن كثير رفعاه، انتهى‏.‏

- ومنها كتاب عمرو بن حزم‏:‏ أخرجه النسائي في ‏"‏الديات‏"‏، وأبو داود في ‏"‏مراسيله‏"‏ النسائي عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود عن الزهري، ثم أخرجه عن يحيى عن سليمان ابن أرقم عن الزهري به، وقال‏:‏ هذا أشبه بالصواب، وسليمان بن أرقم متروك الحديث، انتهى ‏[‏ذكرها في ‏"‏الديات‏"‏ ص 251 - ج 2، وقد روى يونس عن الزهري مرسلًا، اهـ‏.‏ ثم أخرجه عن يونس كذلك، وهذا الحديث ذكره الهيثمي في ‏"‏ألزوائد‏"‏ ص 71 - ج 3، إلى قوله‏:‏ عافصًا شعره، وقال‏:‏ بقيته رواه النسائي، وقال‏:‏ رواه الطبراني في ‏"‏الكبير‏"‏ وفيه سليمان بن داود الحرسي، قلت‏:‏ وفي ‏"‏المستدرك‏"‏ الخولاني، وثقه أحمد، وتكلم فيه ابن معين، وقال أحمد‏:‏ إن الحديث صحيح، قلت‏:‏ وبقية رجاله ثقات، اهـ‏]‏‏.‏ وأبو داود في ‏"‏مراسيله‏"‏ ‏[‏قوله‏:‏ أبو داود في ‏"‏مراسيله‏"‏ قلت‏:‏ لم أجد في مراسيل أبي داود أيضًا، وإنما هي أحرف يسيرة فيه معلقة في ‏"‏الزكاة‏"‏ ص 14، و ص 28 في ‏"‏الديات‏"‏ ومراسيل أبي داود المطبوعة إنما هي أوراق معدودة، ذكر الأحاديث المرسلة تعليقًا، جربناه ههنا، وفيما قبل، فلم نجد الحوالة رائجة بتمامها، لعله ملخص مما صنفه أبو داود، واللّه أعلم‏.‏‏]‏ عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمر بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض، والسنن، والديات‏.‏ وبعث به عمرو بن حزم، فقرئت على أهل اليمن، وهذه نسختها‏:‏ ‏"‏بسم اللّه الرحمن الرحيم، من محمد النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ إلى شرحبيل ابن عبد كلال ‏[‏والحارث بن عبد كلال، ونعيم بن عبد كلال، كذا في ‏"‏البيهقي‏"‏ ‏"‏والزوائد‏"‏‏.‏

‏]‏، قيل‏:‏ ذي رعين، ومعافر، وهمدان‏:‏ أما بعدُ، فقد رجع رسولكم، وأعطيتم من المغانم خمْس اللّه، وما كتب اللّه عز وجل على المؤمنين من العشر، في العقار، وما سقت السماء، وكان سيحًا، أو كان بعلًا ‏[‏في ‏"‏الأقرب‏"‏ قال الأصمعي‏:‏ العذى‏:‏ ما سقته السماء، والبعل‏:‏ ما شرب بعروقه، وأنشد‏:‏

هنالك لا أبالي نخل سقى * ولا بعل، وإن عظم الاتاء ‏"‏البجنوري‏"‏‏.‏‏]‏ فيه العشر إذا بلغ خمسة أوسق، وما سقي بالرشا، والدالية، ففيه نصف العشر، وفي كل خمس من الإِبل سائمة، شاة إلى أن تبلغ أربعًا وعشرين‏.‏ فإذا زادت واحدة على أربع وعشرين، ففيها بنت مخاض، فإن لم توجد ابنة مخاض، فابن لبون ذكر، إلى أن يبلغ خمسًا وثلاثين‏.‏ فإن زادت على خمس وثلاثين واحدة، ففيها ابنة لبون، إلى أن تبلغ خمسًا وأربعين‏.‏ فإن زادت واحدة، ففيها حقة طروقة الجمل، إلى أن تبلغ ستين‏.‏ فإن زادت على ستين واحدة، ففيها جذعة، إلى أن تبلغ خمسًا وسبعين، فإن زادت واحدة على خمس وسبعين، ففيها ابنتا لبون، إلى أن تبلغ تسعين‏.‏ فإن زادت واحدة، ففيها حقتان طروقتا الجمل، إلى أن تبلغ عشرين ومائة، فما زادت على عشرين ومائة، ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة طروقة الجمل، وفي كل ثلاثين باقورة ‏[‏الباقور، والباقورة‏:‏ جماعة البقر، وهما من أسماء الجمع كالباقر ‏"‏أقرب الموارد‏"‏ ‏"‏البجنوري‏"‏‏.‏‏]‏ تبيع، جذع، أو جذعة، وفي كل أربعين باقورة بقرة، وفي كل أربعين شاة سائمة، شاة، إلى أن تبلغ عشرين ومائة‏.‏ فإذا زادت على العشرين ومائة واحدة، ففيها شاتان، إلى أن تبلغ مائتين، فإن زادت واحدة، ففيها ثلاث شياه، إلى أن تبلغ ثلثمائة‏.‏ فإن زادت ففي كل مائة شاة شاة، ولا يؤخذ في الصدقة هَرِمة، ولا عجفاء، ولا ذات عوار، ولا تيس الغنم، ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، خشية الصدقة، وما أخذ من الخليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، وفي كل خمس أواق من الورِق خمسة دراهم، والصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته، إنما هي الزكاة تزكى بها أنفسهم في فقراء المؤمنين ‏[‏قلت‏:‏ في البيهقي‏:‏ والزوائد‏.‏ والحاكم‏:‏ نزكى بها أنفسهم، ولفقراء المؤمنين‏]‏، وفي سبيل اللّه ‏[‏وفي سبيل اللّه، وابن السبيل، كذا في ‏"‏المستدرك‏"‏‏.‏

‏]‏، وليس في رقيق، ولا مزرعة ولا عمالها شيء، إذا كانت تؤدى صدقتها من العشر، وأنه ليس في عبد مسلم، ولا فرسه شيء، وكان في الكتاب‏:‏ ‏"‏إن أكبر الكبائر عند اللّه يوم القيامة الإِشراك باللّه، وقتل النفس المؤمنة بغير حق، والفرار في سبيل اللّه يوم الزحف، وعقوق الوالدين، ورمي المحصنة، وتعلم السحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وأن العمرة الحج الأصغر، ولا يمس القرآن إلا طاهر، ولا طلاق قبل إملاك، ولا عتاق حتى يبتاع، ولا يصلين أحدكم في ثوب واحد وشقه باد، ولا يصلين أحدكم عاقصًا شعره‏"‏، وكان في الكتاب ‏[‏قوله‏:‏ كان في الكتاب، من هنا إلى آخر الحديث في النسائي في ‏"‏الديات‏"‏ ص 241 - ج 2‏.‏‏]‏‏"‏ أن من اعتبط مؤمنًا قتلا عن بينِّة، فإنه قَودَ، إلا ان يرضى أولياء المقتول، وأن في النفس الدِّية مائة من الإِبل، وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدِّية، وفي اللسان الدِّية، وفي الشفتين الدِّية، وفي البيضتين الدِّية‏.‏ وفي الذَّكر الدِّية، وفي الصلب الدِّية، وفي العينين الدِّية، ‏[‏في الحاكم‏.‏ والبيهقي ‏"‏العينين‏"‏ وكذا في النسائي‏:‏ ص 251 - ج 2‏]‏ وفي الرجل الواحدة نصف الدِّية، وفي المأمومة ثلث الدِّية، وفي الجائفة ثلث الدِّية، وفي المنقلة خمس عشرة من الإِبل، وفي كل إصبع من أصابع اليد، أو الرجل عشر من الإِبل، وفي السنّ خمس من الإِبل، وفي الموضحة خمس من الإِبل، وأن الرجل يقتل بالمرأة، وعلى أهل الذهب ألف دينار‏"‏، انتهى‏.‏ قال النسائي‏:‏ وسليمان بن ارقم متروك، انتهى‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ - الحديث الرابع‏:‏ قال المصنف رحمه اللّه‏:‏‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

ورواه عبد الرزاق في ‏"‏مصنفه‏"‏ أنبأ معمر عن عبد اللّه بن أبي بكر به، وعن عبد الرزاق رواه الدارقطني في ‏"‏سننه‏"‏، وأخرجه الدارقطني أيضًا عن إسماعيل بن عياش بن يحيى بن سعيد عن أبي بكر به، ورواه كذلك ابن حبان في ‏"‏صحيحه‏"‏ في النوع السابع والثلاثين، من القسم الخامس، والحاكم في ‏"‏المستدرك ‏[‏الحاكم في ‏"‏المستدرك‏"‏ ص 395 - ج 1 عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود به‏.‏

‏]‏‏"‏، كلاهما عن سليمان بن داود حدثني الزهري به، قال الحاكم‏:‏ إسناده صحيح، وهو من قواعد الإِسلام، انتهى‏.‏ وقال ابن الجوزي رحمه اللّه في ‏"‏التحقيق‏"‏‏:‏ قال أحمد بن حنبل رضي اللّه عنهما‏:‏ كتاب عمرو بن حزم في الصدقات صحيح، قال‏:‏ وأحمد يشير بالصحة إلى هذه الرواية، لا لغيرها، لما سيأتي‏.‏ وقال بعض الحفاظ من المتأخرين‏:‏ ونسخة كتاب عمرو بن حزم تلقاها الأئمة الأربعة بالقبول، وهي متوارثة، كنسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وهي دائرة على سليمان بن أرقم، وسليمان بن أبي داود الخولاني عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده، وكلاهما ضعيف، بل المرجح في روايتهما سليمان بن أرقم، وهو متروك، لكن قال الشافعي رضي اللّه عنه في ‏"‏الرسالة‏"‏‏:‏ لم يقبلوه حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وقال أحمد رضي اللّه عنه‏:‏ أرجو أن يكون هذا الحديث صحيحًا، وقال يعقوب بن سفيان الفسوى ‏[‏الفسوى‏"‏ كذا في ‏"‏شذرات الذهب‏"‏ ص 171 - ج 2، ‏"‏وتذكرة الحفاظ‏"‏ ص 145 - ج 2، واللّه أعلم ‏.‏ أقول‏:‏ في نسخة - الدار - ‏"‏القسوى‏"‏ ‏"‏البجنوري‏"‏‏.‏‏]‏‏:‏ لا أعلم في جميع الكتب المنقولة أصح منه، كان أصحاب النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، والتابعون يرجعون إليه، ويدعون آراءهم، انتهى‏.‏ ورواه البيهقي في ‏"‏سننه‏"‏ ‏[‏البيهقي‏:‏ ص 89 - ج 4‏.‏‏]‏ بسند ابن حبان، ثم قال‏:‏ وقد أثنى جماعة من الحفاظ على سليمان بن داود الخولاني‏:‏ منهم أحمد بن حنبل، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان، وعثمان بن سعيد الدارمي، وابن عدي الحافظ، قال‏:‏ وحديثه هذا يوافق رواية من رواه مرسلًا، ويوافق رواية من رواه من جهة أنس ابن مالك، وغيره موصولًا، انتهى‏.‏

- ومنها كتاب زياد بن لبيد إلى حضرموت‏:‏ رواه الواقدي في ‏"‏كتاب الردة‏"‏ فقال‏:‏ حدثنا محمد بن عبد اللّه بن كثير عن عبد اللّه بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، قال‏:‏ لما قدم وفد كندة مسلمين، أطعم رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بني وليعة ‏[‏بنو وليعة ‏"‏بالعين المهملة‏"‏ حيّ من كندة‏.‏‏]‏ - من كندة - أطعمه ‏[‏في نسخة - الدار - ‏"‏طعمة‏"‏ ‏"‏البجنوري‏"‏‏.‏

‏]‏ من ثمار حضرموت، وجعل على أهل حضرموت نقلها إليهم، وكتب لهم رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ بذلك كتابًا، وأقاموا أيامًا، ثم سألوا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أن يبعث عليهم رجلًا منهم، فقال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لزياد بن لبيد البياضي الأنصاري‏:‏ سر مع هؤلاء القوم، فقد استعملتك عليهم، فسار زياد معهم، عاملًا لرسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ - على حضرموت - على صدقاتها ‏"‏الخف، والماشية، والثمار، والكراع، والعشور‏"‏، فقال زياد‏:‏ يا رسول اللّه، بأبي أنت وأمي اكتب لي كتابًا لا أعدوه إلى غيره، ولا أقصر دونه، فأمر رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أبيّ بن كعب فكتب له‏:‏ ‏"‏بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد رسول اللّه في الصدقات، فمن سئلها على وجهها فليعطها، في كل أربعين شاة سائمة، شاة، إلى عشرين ومائة‏.‏ فإذا زادت، ففيها شاتان، إلى مائتين‏.‏ فإذا زادت شاة، ففيها ثلاث شياه، إلى أن تبلغ ثلثمائة‏.‏ فإذا زادت، ففي كل مائة شاة، شاة، وفيما دون خمس وعشرين من الإِبل السوائم، في كل خمسٍ شاة‏.‏ فإذا بلغت خمسًا وعشرين، ففيها بنت مخاض‏.‏ فإذا لم يوجد بنت مخاض، ففيها ابن لبون ذكر، إلى أن تبلغ ستًا وثلاثين‏.‏ فإذا بلغت ستًا وثلاثين، ففيها بنت لبون، إلى أن تبلغ ستًا وأربعين‏.‏ فإذا بلغت، ففيها حقة، إلى أن تبلغ ستين، فإذا كانت إحدى وستين، ففيها جذعة، إلى أن تبلغ خمسًا وسبعين‏.‏ فإذا كانت ستًا وسبعين، ففيها بنتا لبون، إلى أن تبلغ تسعين‏.‏ فإذا كانت إحدى وتسعين، ففيها حقتان طروقتا الجمل، إلى أن تبلغ عشرين ومائة‏.‏ فإذا زادت ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، لا يفرق بين مجتمع بين متفرق‏.‏ وفي صدقة البقر، في كل ثلاثين من البقر تبيع، جذع، أو جذعة‏.‏ وفي كل أربعين مسنة، وفيما سقت السماء وسقي بالنيل العشر، وفيما سقي بالغرب، نصف العشر من النخل والعنب، إذا بلغ خمسة أوسق، وإذا بلغت رقة أحدكم خمس أواق ففيها ربع العشر‏"‏، انتهى‏.‏

- الحديث الخامس‏:‏ روى أن النبي عليه السلام كتب‏:‏

- ‏"‏إذا زادت الإِبل على مائة وعشرين، ففي كل خمسين حقة، وفي كل أربعين بنت لبون من غير شرط عود ما دونها‏"‏، قلت‏:‏ تقدم في - كتاب أبي بكر - لأنس، أخرجه البخاري، وفيه‏:‏ فإذا بلغت إحدى وتسعين، إلى عشرين ومائة، ففيها حقتان‏.‏ فإذا زادت على عشرين ومائة، ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، الحديث‏.‏

وأحمد مع الشافعي في أن الفريضة لا تستأنف بعد المائة وعشرين، بل تستقر على حالها، في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة‏.‏ وعن مالك روايتان‏:‏ إحداهما، كمذهبنا أنه يستأنف‏.‏ والأخرى كالشافعي‏.‏

- الحديث السادس‏:‏ روى أن النبي عليه السلام كتب في كتاب عمرو بن حزم‏:‏

- فما كان أقلّ من ذلك، ففي كل خمس ذَوْدٍ شاة، قلت‏:‏ روى أبو داود في ‏"‏المراسيل‏"‏، وإسحاق بن راهويه في ‏"‏مسنده‏"‏، والطحاوي ‏[‏الطحاوي في ‏"‏شرح الآثار‏"‏ ص 417 - ج 2، وأبو داود في ‏"‏المراسيل‏"‏ ص 14، وابن حزم في ‏"‏المحلى‏"‏ ص 33 - ج 6‏.‏‏]‏ في ‏"‏مشكله‏"‏ عن حماد بن سلمة، قلت لقيس بن سعد‏:‏ خذ لي كتاب محمد بن عمرو بن حزم، فأعطاني كتابًا أخبر أنه أخذه من أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كتبه لجده، فقرأته، فكان فيه ذكر ما يخرج من فرائض الإِبل، فقص الحديث إلى أن يبلغ عشرين ومائة‏.‏ فإذا كانت أكثر من عشرين ومائة، فإنه يعاد إلى فريضة الإِبل، وما كان أقل من خمس وعشرين ففيه الغنم، في كل خمس ذَودٍ شاة‏.‏ قال ابن الجوزي رحمه اللّه في ‏"‏التحقيق‏"‏‏:‏ هذا حديث مرسل، قال هبة للّه الطبري‏:‏ هذا الكتاب صحيفة ليس بسماع، ولا يعرف أهل المدينة كلهم عن كتاب عمرو بن حزم إلا مثل روايتنا رواها الزهري، وابن المبارك، وأبو أويس ‏[‏أبو أويس هو عبد اللّه بن عبد اللّه بن أويس، قال ابن حزم في ‏"‏المحلى‏"‏ ص 14 - ج 6‏:‏ أبو أويس ضعيف‏.‏

‏]‏، كلهم عن أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده، مثل قولنا، ثم لو تعارضت الروايتان عن عمرو بن حزم بقيت روايتنا عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه، وهي في الصحيح، وبها عمل الخلفاء الأربعة‏.‏ وقال البيهقي ‏[‏البيهقي في ‏"‏السنن الكبرى‏"‏ ص 94 - ج 4‏.‏‏]‏‏:‏ هذا حديث منقطع بين أبي بكر بن حزم إلى النبي عليه السلام، وقيس بن سعد أخذه عن كتاب لا عن سماع، وكذلك حماد بن سلمة أخذه عن كتاب لا عن سماع، وقيس بن سعد، وحماد بن سلمة، وإن كانا من الثقات، فروايتهما هذه تخالف رواية الحفاظ عن كتاب عمرو بن حزم، وغيره‏.‏ وحماد بن سلمة ساء حفظه في آخر عمره، فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه، ويتجنبون ما ينفرد به، وخاصة عن قيس بن سعد، وأمثاله‏.‏ وهذا الحديث قد جمع الأمرين مع ما فيه من الانقطاع، واللّه أعلم‏.‏ وقال في ‏"‏المعرفة‏"‏‏:‏ الحفاظ مثل يحيى القطان‏.‏ وغيره يضعفون رواية حماد عن قيس بن سعد، ثم أسند عن أحمد بن حنبل، قال‏:‏ ضاع كتاب حماد بن سلمة عن قيس بن سعد، فكان يحدثهم من حفظ، ثم أسند عن ابن المديني نحو ذلك‏.‏ قال البيهقي‏:‏ ويدل على خطأ هذه الرواية أن عبد اللّه ‏[‏كما في رواية الواقدي المتقدمة عن قريب‏.‏‏]‏ بن أبي بكر بن عمرو بن حزم رواه عن أبيه عن جده بخلافه، وأبو الرجال ‏[‏عند البيهقي‏:‏ ص 91 - ج 4، والحاكم‏:‏ ص 394‏.‏‏]‏ محمد بن عبد الرحمن الأنصاري رواه بخلافه، والزهري مع فضل حفظه رواه بخلافه في رواية سليمان ‏[‏هي عند الحاكم‏:‏ ص 395 - ج 1 والبيهقي‏:‏ ص 89 - ج 4، وقال في ‏"‏الزوائد‏"‏ عند الطبراني، وتقدم سياقه في‏:‏ ص 341 من هذا الجزء‏]‏ بن داود الخولاني عنه موصولًا، وفي رواية غيره مرسلًا، وإذا كان حديث حماد بن قيس مرسلًا ومنقطعًا، وقد خالفه عدد، وفيهم ولد الرجل، والكتاب بالمدينة بأيديهم يتوارثونه بينهم، وأمر به عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه، فنسخ له، فوجد مخالفًا لما رواه حماد عن قيس، موافقًا لما في كتاب أبي بكر، وما في كتاب عمر، وكتاب أبي بكر في الصحيح، وكتاب عمر أسنده سفيان بن حسين‏.‏ وسليمان بن كثير عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ولم يكتبه عمر عن رأيه، إذ لا مدخل للرأي فيه، وعمل به، وأمر عماله فعملوا به، وأصحاب النبي عليه وسلم متوافرون، وأقرأ ابنه عبد اللّه بن عمر، وأقرأه عبد اللّه ابنه سالمًا، ومولاه نافعًا، وكان عندهم حتى قرأه مالك بن أنس، أفما يدلك ذلك كله على خطأ هذه الرواية‏؟‏‏!‏، انتهى‏.‏

- الآثار‏:‏ أخرج الطحاوي ‏[‏الطحاوي‏:‏ ص 418 - ج 2‏.‏‏]‏ عن خصيف عن أبي عبيدة‏.‏ وزياد بن أبي مريم عن ابن مسعود، قال‏:‏ فإذا بلغت العشرين ومائة استقبلت الفريضة بالغنم، في كل خمس شاة‏.‏ فإذا بلغت خمسًا وعشرينن ففرائض الإِبل، واعترضه البيهقي بأنه موقوف، ومنقطع بين أبي عبيدة وزياد، وبين ابن مسعود، قال‏:‏ وخصيف غير محتج به، انتهى‏.‏ وأخرج عن إبراهيم النخعي نحوه‏.‏

- حديث آخر‏:‏ روى ابن أبي شيبة في ‏"‏مصنفه‏"‏ ‏[‏ابن أبي شيبة‏:‏ ص 11 - ج 3، والبيهقي‏:‏ ص 92 - ج 4، قال الحافظ في ‏"‏الدراية‏"‏‏:‏ إسناده حسن، إلا أنه اختلف على أبي إسحاق، اه، وأبو عبيد في ‏"‏كتاب الأموال‏"‏ ص 363‏]‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي اللّه عنه، قال‏:‏ إذا زادت الإِبل على عشرين ومائة يستقبل بها الفريضة، انتهى‏.‏ حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن منصور عن إبراهيم مثله، قال الحازمي في ‏"‏كتابه الناسخ والمنسوخ‏"‏ ‏[‏ص 10‏.‏‏]‏‏:‏ الوجه الثامن عشر من الترجيحات أن يكون أحد الحديثين قد اختلفت الرواية فيه‏.‏ والثاني لم يختلف فيه، فيقدم الذي لم يختلف فيه، وذلك نحو ما رواه أنس بن مالك في زكاة الإِبل‏:‏ إذا زادت على عشرين ومائة، ففي كل أربعين ابنة لبون، وفي كل خمسين حقة، وهو حديث مخرج في ‏"‏الصحيح‏"‏ من رواية ثمامة عن أنس، ورواه عن ثمامة ابنة عبد اللّه، وحماد بن سلمة‏.‏ ورواه عنهما جماعة، كلهم قد اتفقوا عليه من غير اختلاف بينهم، وروى عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه في الإِبل إذا زادت على عشرين ومائة، ففي كل خمسين حقة، كذا رواه سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم، ورواه شريك عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي رضي اللّه عنه، قال‏:‏ إذا زادت الإِبل على عشرين ومائة، ففي كل خمسين حقة، وفي كل أربعين ابنة لبون، موافقًا لحديث أنس، فحديث أنس لم تختلف الرواية فيه، وحديث علي رضي اللّه عنه اختلفت الرواية فيه، كما ترى‏.‏ فالمصير إلى حديث أنس رضي اللّه عنه أولى للمعنى الذي ذكرناه، على أن كثيرًا من الحفاظ أحالوا الغلط في حديث عليِّ على عاصم، وإذا تقابلت حجتان، فما سلم منهما من المعارض كان أولى، كالبينات إذا تقابلت، فإن الحكم فيها كذلك، انتهى‏.‏